متابعة
على مر العقود، شهد العالم تحولاً ملحوظًا في دور المرأة في المجتمع. لقد باتت المرأة جزءًا لا يتجزأ من القوى العاملة في العديد من البلدان، وأصبحت تنافس في مجالات عديدة مثل التعليم، الصحة، الإدارة، والهندسة. وفقًا لإحصاءات الأمم المتحدة، فإن معدل مشاركة النساء في القوى العاملة يزداد تدريجيًا في أغلب دول العالم، لكنه لا يزال دون مستوى مشاركة الرجال.رغم أن المرأة قطعت شوطًا كبيرًا في إثبات كفاءتها، إلا أن الفجوة في الأجور لا تزال قضية متجذرة. تظهر الدراسات أن النساء يتقاضين أجورًا أقل من الرجال بنسبة تتراوح بين 20% إلى 30% في العديد من القطاعات. هذا التفاوت يظهر جليًا حتى في الوظائف ذات المؤهلات والخبرات المتساوية، حيث يتم تبريره غالبًا بأسباب مثل تفاوت الخبرات أو القطاعات، لكنه يعكس نوعًا من التمييز الذي يحتاج إلى معالجة جذرية.واحدة من أبرز التحديات التي تواجه المرأة الموظفة هي تحقيق التوازن بين حياتها المهنية وحياتها الأسرية. في كثير من الأحيان، تتحمل المرأة عبء الأدوار المنزلية بالإضافة إلى عملها اليومي. هذه الضغوط تؤدي إلى تأثيرات سلبية على الصحة النفسية والبدنية للمرأة، وتجعل من الصعب عليها تحقيق التوازن المطلوب.لا يزال التحرش الجنسي والتمييز القائم على النوع الاجتماعي من أبرز المشاكل التي تواجه المرأة الموظفة. على الرغم من الجهود المبذولة للتصدي لهذه الظاهرة، إلا أنها لا تزال منتشرة في العديد من أماكن العمل. كثير من النساء يشعرن بالخوف من الإبلاغ عن هذه الحالات خوفًا من فقدان وظائفهن أو التعرض لردود فعل سلبية.النساء يمثلن نسبة كبيرة من القوى العاملة، ولكن تمثيلهن في المناصب القيادية لا يزال محدودًا. تشير الإحصاءات إلى أن النساء غالبًا ما يتم تهميشهن عندما يتعلق الأمر بترقيات المناصب العليا، وهو ما يعرف بـ»السقف الزجاجي» الذي يحول دون وصولهن إلى مراكز صنع القرار.مريم: محاسبة تتحدى التمييز في قطاع البنوكمريم، محاسبة تعمل في أحد البنوك الخاصة منذ 10 سنوات، تحكي تجربتها مع التمييز الوظيفي. تقول: «على الرغم من أنني أعمل بجد وأحقق أهدافي، فإنني لاحظت أن زملائي الذكور يتلقون ترقيات أسرع وأفضل. عندما طلبت ترقية، تم تجاهل طلبي وتمت ترقيتي لاحقًا بعد ضغوط كبيرة». هذه القصة ليست استثناءً، بل هي نموذج لتجارب عديدة تمر بها المرأة في القطاعات المختلفة.سارة: معلمة تكافح لتحقيق التوازنتقول سارة، وهي معلمة وأم لطفلين: «أحب عملي وأشعر بالفخر عندما أرى تأثيري على طلابي. لكن في الوقت نفسه، أجد صعوبة في التوفيق بين واجباتي كأم واحتياجات عملي. أحيانًا أشعر أنني مضطرة للاختيار بين النجاح المهني أو أن أكون أمًا متفرغة، وهو أمر مرهق نفسيًا». قصتها تمثل معاناة الكثير من النساء اللاتي يعملن في قطاعات تحتاج إلى التفاني والالتزام الكامل.ليلى: مهندسة تسعى لكسر السقف الزجاجيليلى، مهندسة في مجال الطاقة، تتحدث عن تحدي السقف الزجاجي الذي تواجهه النساء في المجالات التقنية. «على الرغم من أنني اكتسبت خبرة كبيرة في مجالي، إلا أنني أشعر أن الفرص للترقية محدودة بالنسبة لي كامرأة. يُنظر إلى الرجال على أنهم أكثر ملاءمة للأدوار القيادية، حتى عندما تكون مؤهلاتنا متساوية». تجربتها تسلط الضوء على المعوقات غير المرئية التي تمنع المرأة من الوصول إلى مناصب عليا.نماذج من الحلول والمبادراتعلى الرغم من التحديات، هناك العديد من المبادرات التي تهدف إلى دعم المرأة الموظفة وتخفيف الأعباء عنها.بعض الشركات بدأت في تطبيق سياسات عمل مرنة، مثل العمل من المنزل أو جداول عمل متغيرة، مما يساعد المرأة على تحقيق توازن أفضل بين حياتها المهنية والشخصية. هذه السياسات أثبتت فعاليتها في تعزيز إنتاجية الموظفين وتقليل مستويات الإجهاد.من أجل تعزيز دور المرأة في المناصب القيادية، تم إطلاق العديد من برامج التوجيه والتطوير المهني التي تساعد النساء على اكتساب المهارات القيادية وتجاوز العقبات التي تعترض طريقهن. من خلال هذه البرامج، يتم توفير الدعم والتوجيه للنساء للتغلب على التحديات المهنية وتحقيق تطلعاتهن.تسعى الحكومات في العديد من الدول إلى تعزيز حقوق المرأة في مكان العمل من خلال تشريعات تفرض المساواة في الأجور، وتحمي النساء من التمييز والتحرش. في بعض البلدان، يتم تقديم إجازات أمومة مدفوعة الأجر وإجازات رعاية الأسرة، مما يساعد النساء على الاستمرار في العمل دون التضحية بواجباتهن الأسرية.المرأة الموظفة تواجه تحديات كبيرة في سوق العمل، لكن الطريق نحو التقدم والنجاح مليء بالفرص والمبادرات التي تساعد على تمكينها. رغم الفجوة في الأجور والتحرش والتمييز، فإن إرادة المرأة للتغلب على هذه الصعوبات والإصرار على النجاح لا تزال قوية. مع استمرار الجهود المبذولة لدعم المرأة وتمكينها في مكان العمل، يبدو أن المستقبل يحمل مزيدًا من الإنصاف والمساواة للمرأة الموظفة.