حين يذكر تاريخ الشعر العربي في القرن العشرين لابد أن يذكر اسم نازك الملائكة، التي ولدت في العراق البلد الذي أنجب العديد من كبار الشعراء في القرن المنصرم البياتي والجواهري والسياب وسعدي يوسف وغيرهم.ولدت نازك صادق الملائكة في بغداد في 23 أغسطس 1923 في بيئة ثقافية حيث كانت والدتها شاعرة ووالدها كاتب، اختار والدها اسم نازك تيمناً بالثائرة السورية نازك العابد، التي قادت الثوار السوريين في مواجهة جيش الاحتلال الفرنسي في العام الذي ولدت فيه الشاعرة.تخرجت من دار المعلمين العالية عام 1944. ثم دخلت معهد الفنون الجميلة وتخرجت من قسم الموسيقى عام 1949، وفي عام 1959 حصلت على شهادة ماجستير في الأدب المقارن من جامعة ويسكونسن-ماديسون في أمريكا. وعينت أستاذة في جامعة بغداد وجامعة البصرة ثم جامعة الكويت.يرى الكثيرون أن نازك الملائكة هي أول من كتبت الشعر الحر في عام 1947 ويعتبر البعض قصيدتها المسماة الكوليرا من أوائل الشعر الحر في الأدب العربي. وقد بدأت الملائكة في كتابة هذا النوع من الشعرفي فترة زمنية مقاربة جداً للشاعر بدر شاكر السياب وعبد الوهاب البياتي.أصدرت نازلك الملائكة عددا كبيرا من الدواوين الشعرية والأعمال النقدية أيضا ومن أبرز أعمالها ديوان عاشقة الليل الصادر عام 1947 وهو أول أعمالها المنشورة، وفي العام ذاته كتبت قصيدتها الأشهر “الكوليرا” بالنمط الإيقاعي الجديد المتحرّر من صرامة الشطرين والقافية الموحّدة. ووضعتها هذه القصيدة على خريطة التجديد الشعريّ كواحدة من أبرز شاعرات العرب.توالت أعمال الملائكة حيث أصدرت عام 1949 ديوان شظايا ورماد، قرارة الموجة 1957 وشجرة القمر 1968 وغيرها من الأعمال، كما أصدرت في عام 1962 كتابها (قضايا الشعر الحديث) الذي أثار الكثير من الجدل.بجانب التجديد والتمرّد والثراء على مستوى الإيقاع، تميّز شعر الملائكة بنفَسٍ رومانسي عابق بالحزن واليأس والوحدة والشكوى، نابع من حساسية عميقة مفرطة وثقافة متينة متجذّرة، وفي شعرها نزوع إلى الواقعية وميل عن النموذج واعتناء بالمضمون. كما كان الهم الإنساني والعربي حاضرا في أعمالها.سافرت عام 1990 على خلفية حرب الخليج الأولى إلى القاهرة، وحصلت نازك على جائزة البابطين عام 1996، كما أقامت دار الأوبرا المصرية يوم 26 مايو/أيار 1999 احتفالاً لتكريمها بمناسبة مرور نصف قرن على انطلاقة الشعر الحر في الوطن العربي والذي لم تحضره بسبب المرض وحضر عوضاً عنها زوجها الدكتور عبد الهادي محبوبة، ولها ابن واحد هو البراق عبد الهادي محبوبة، وتوفيت في القاهرة في صيف عام 2007 .